الهدية والرشوة وضوابطهما الشرعية
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الهدية والرشوة وضوابطهما الشرعية
مفهوم الهدية فى الشرعية الإسلامية:
تطلق الهدية ويراد بها التبرع والتفضل على الغير سواء أكان بمال أم بغيره ويوجد فرق بين الهدية والاعارة، فاذا أعطى الأنسـان مال لغيره وملكه هذا المال دون عوض كان هدية واذا لم يملكه أياه كان اعارة.
ويوجد فرق بين الهدية والصدقة، فالهدية يراد بها التودد وتآلف القلوب أما الصدقة فيبتغى بها وجه الله سبحانه وتعالى.
فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" تهادوا تحابوا "، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها، ومعنى يثيب عليها كان يرد بمثلها حتى لا يكون لأحد فضل عليه وكان أبو بكر وعمر ضى الله عنهما يقبلون الهدية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لقبول الهدية، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من جاءه من أخيه معروف من غير اشراف ولا مسألة فليقبله ولا يرده انما هو رزق ساقه الله إليه "، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يرغب فى قبول الهدية ولو كانت شيئا حقيرا، وقد كره العلماء رد الهدية.
أنواع الهدايـا
توجد ثلاثة أنواع رئيسية من الهدايا:
النوع الأول:
وهى الهدية، التى يتبرع بها مدى الحياة، وهى غير مشروطة بمدة معينة أى أن المال أو غيره يملك للمهدى مدى الحياة ولا ترد.
النوع الثانى:
العمرى، وهى نوع من أنواع الهدايـــا، وهى أن يهدى انسـان آخر شينا مدى عمره أى اذا مات المهدى له عاد الشئ للواهب ويسمى القائل معمرا والمقول له معمرا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العمرى جائزة " وقال عليه الصلاة والسلام:"من أعمر عمرى فهى له ولعقبة يرثها من يرثه من عقبه من بعده " أى أن العمرى جائزة شرعا، وهى جائزة للمعمر له فى حال حياته ولورثته من بعده وهى من حديث الرسول عليه الصلاة والسلام بأنها جائزة، أما شرط أن ترد للمعمر بعد وفاة المعمر فهو باطل أى أن بطلان هذا الشرط لا يؤثر فى العقد، وكأنه قال دارى لك هبة.
النوع الثالث:
الرقبى، وهى أن يقول أحد الأشخــاص لصاحبه: أرقبتك دارى وجعلتها لك فى حياتك فان مت قبلى رجعت الى وان مت قبلك فهى لك ولعقبك فكل واحد منها يرقب موت صاحبه والرقبى جائزة شرعا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العمرى جائزة لأهلها، والرقبى جائزة لأهلها".
الضوابط الشرعية للهدية
قال الله تعالى:" هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ "( آل عمران :38) وعن عئشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تهادوا تزدادوا حبا وهاجروا تورثوا أبناءكم مجدا وأقيلوا الكرام عثراتهم"، وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يانساء المسلمات لاتحقرن جارة لجارتها ولو فرس شاة" (والمراد الشئ القليل من الهدية ) وعن المطلب ابن عبد الله بن حنطب أن عبد الله بن عامر بعث إلى عائشة رضى الله عنها بنفقة وكسوة فقالت للرسول أى بنى لا أقبل من أحد شيئا فلما خرج الرسول قالت ردوه على (فردوه ) قالت انى ذكرت شيئا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عائشة من ( أعطاك ) عطاء بغير مسألة فاقبليه فانما هو رزق ( عرضه الله تعالى ) اليك "(رواه أحمد والبيهقى )، وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: " من أعطى مالا من غير مسألة فليقبله فانما هو رزق رزقه الله عز وجل "(رواه أبو داود وأحمد بن حلبل ).
وعن ابن عباس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تهادوا الطعام بينكم فان ذلك توسعة فى أرزاقكم "، وعن عبد الرحمن بن علقمة الثقفى لأن وفد ثقيف قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهدوا اليه هدية فقال:" أصدقة أم هدية" فان الصدقة يبتغى بها وجه الله تعالى عز وجل، وإن الهدية يبتغى بها وجه الرسول وقضاء الحاجه فسألوه ومازالوا يسألونه حتى ماصلواً الظهر إلا مع العصر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أتى بطعام سأل آهو هدية أم صدقة فإن قيل له صدقةقال لأصحابه كلوا ولم يأكل، وإن قيل له هدية ضرب بيده صلى الله عليه وسلم فأكل معهم، وعن بريدة بن الحصيب رضى الله عنه قال: "أهدى أمير القبط الى النبى صلى الله عليه وسلم جاريتين أختين وبغلة فكان يركب البغلة بالمدينة واتخذ الجاريتين لفسه فولدت له ابراهيم ووهب الأخرى لحسان بن ثايت فولدت له محمدا "، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما آتاك الله تعالى من أموال السلطان من غير مسالة ولا اشراف ( نفس) فكله وتموله ".
وعن ارتجاع العطية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لأحد أن يهب وهبة ثم يعود فيها الإ الوالد" أى لا يجوز ارجاع العطية. وعن ابن عباس رضى الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العائد فى هبته كالعائد قيئه".
الرشوة وضوابها الشرعية
تعريف الرشوة:
الرشوة فى القاموس هى الجعل، وارتشى أى أخذها، واسترشى طلبها، وأرشاه أى حاباه وصانعه، ورشاه لاينه وأعطاء الرشوة، وفى المصباح الرشوة بكسر الراء ما يعطيه الشخص للحاكم وغيره ليحكم له أو يحمله على مايريد وجمعها رشايا لكسره، ورشاء بالضخم أيضا. والرشوة ما يعطيه الراشى للمرتشى بشرط أن يعينه والرشوة لاتملك ولدافعها أن يستردها لو أصلح أمر المرتشى.
الضوابط الشرعية للرشوة
الرشوة فى القرآن والسنة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لعن الله الراشى والمرتشى "، وقال صلى الله عليه وسلم: "لعنة الله على الراشى والمرتشى "، وقال عمربن عبد العزيز رضى الله عنه: "أن الهدية فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت هدية واليوم رشوة " وقد اشتهى عمر بن عبد العزيز يوم التفاح ولم يجد فى بيته ما يشترى به، وخرج وتلقاه غلمان بأطباق تفاح فآخذ واحد فشمها ثم رد الأطباق، فقال له ابن سعد:" كان الرسول عليه الصلاة والسلام وأبو بكر وعمر يقبلون الهدية فقال انها لأولئك هدية وأما اليوم فهى رشوة للعمال ".
وعلى ذلك فإن هدايا العمال حرام لأنها بسبب الولاية أما هدايا غير العمال فهى مستحبة وهى – أى هدايا العمال – سحت وخيانة وبخس أى نقص للحق الواجب عليه استيفاؤه لأهله، وروى البخارى ومسلم بسنادهما عن أبى حميد الساعدى رضى الله عنه قال: " استعمل النبى صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له ابن اللتيبة على الصدقة فلما قدم قال :" هذا لكم وهذا آهدى لى، قال فهلا (جلس) فى بيت آبيه أو آمه فينظر أيهدى له أم لا ؟، والذى نفسى بيده لايأخذ أحدكم من سيئا الا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تبعر ثم رفع يديه حتى رأينا ( عفرة ابطيه ) وقال اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت: ثلاثة ".
وقال صلى الله عليه وسلم:"هدايا العمال غلوى"وروى سحت، واذا كان ذلك فى العامل ففى القاضى أولى أى رشوة القاضى حرام.
متى تجوز الرشوة شرعا؟
من آراء الفقهاء فان الرشوة تجوز شرعا عندما يراد بها أخذ حق لا يمكن أخذه إلا بها وفى هذه الحالة تكون حلالا لصاحب الحق، وحراما على المرتشى أى الذى عنده المصلحة ولو أصلح أمر دافع الرشوة.
الفرق بين الهدية والرشوة
الفرق بين الهدية والرشوة، هو أن المهدى إليه بقبضه الهدية يصبح مالكا لها بعكس الرشوة حيث أن المرتشى بقبضه الرشوة لا يصبح مالكا لها. وفرق آخر وهو أن الرشوة ما تقدمت فيها الحاجة، والهدية ماتأخرت فيها الحاجة، ومعنى ذلك أن على الراشى أن يرد الرشوة ولو استهلكها، أما الهدية فلا يجوز ردها سواء استهلكت أم لا.
وعن ابن عباس رضى الله عنه قال:" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم:"انما مثل الذى يتصدق بصدقة ثم يعود في صدقته كمثل الكلب يقئ ثم يأكل قيئه " وأجر العامل الذى هو مقابل عمل لابد أن يأخذ حتى ولو كان قادرا أى ليس فى حاجه الى هذا الأجر، فعن عبدالله بن مسعدى أنه قدم على عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى خلافته فقال عمر: ألم اخبر أنك تلى من أعمال الناس أعمالا فاذا أعطيت العمالة (ما يأخذه العامل من أجر ) كرهتها قال فقلت بلى، قال فما تريد الى ذلك قلت ان لى أفراسا وعبيداً وأنا بخير وأريد أن يكون عملى صدقة على المسلمين فقال عمر فلا تفعل فانى كنت أردت الذى أردت فكان النبى صلى الله عليه وسلم يعطينى العطاء فأقول أعطه ( من هو ) أفقر إليه منى حتى أعطائى مرة مالا فقلت أعطه من هو أفقر منى ( فقال النبى صلى الله عليه وسلم ) خذه فتموله أو تصدق به فما جاءك من هذا المال وانتغير مشرف ولا سائل فخذه والا فلا تتبعه نفسك وقال صلى الله عليه وسلم: "مالذى يعطى بسعة بأعظم أجر من الذى يقبل اذا كان محتادا، وفى العدل فى الهدية بين الأبناء قال الرسول صلى الله عليه وسلم اعدلوا بين ابنائكم اعدلوا بين ابناءكم" أى لابد من العدل فى هدايا الأبناء حتى لا يتولد بينهم العداوة والحقد والبغضاء وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سووا بين أولادكم فى العطية ولو كنت مفضلا
أبو عمار المصرى- نائب المدير العام
- المتصفح :
الجنس :
عارضة طاقة :
عدد المساهمات : 160
نقاط النشاط : 25464
التقييم : 22
مهنتى :
إنضم فى : 27/07/2011
الدولة :
SMS ~ :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى